يُقال أن «العقار هو الابن البار» ، وشراؤه استثمار جيّدٌ، لك ولأبنائك وأحفادك. ولكن بصفتي وقرّاء هذه المدونة من جيل الأحفاد، الذين ربما عُرض على أجدادنا أراضٍ وعقارات بأسعار زهيدة، ولكنهم رفضوها لسبب ما 😅
ماذا عسانا نفعل؟ هل ننتظر اليوم الأبيض لنلقاه بالقرش الأبيض ونشتري عقارًا لأنفسنا؟ أم أن قواعد اللعبة اختلفت في عصر الإنترنت؟
يطرح الكاتب «دانييل بريستلي» في كتابه «الشخص الأكثر تأثيرًا Key Person of Influence KPI » منهجيّة من خمس خطوات لتصبح أنت الشخص الأكثر تأثيراً في مجالك. ✨
1. Pitch: إجابة لسؤال «ماذا تَعمل؟» بطريقة مُبَهرجة، تعكس أهمَّ القِيم التي تُقدمها لعملائك.
2. Publish: نَشرُ كتاب، أو مقالات، أو أساليب عمل، تُعطيك مصداقيةً في نظر العَوَام.
3. Product: تسليع خدماتك في نظام إنتاج، تبنيه مرةً واحدة ثم يعمل بشكل تلقائي دون تدخُّلٍ منك.
4. Profile: مهمتك هنا هي بناء ما سيظهر عند البحث في قوقل عن اسمك.
5. Partner: بناء الشَّراكات. وهذه الخطوة التي تُدِرُّ عليك الدخل، وهي الثمرة في نهاية هذه المنهجية.
(فكّر هنا بفريق الرياضات الإلكترونية باور مثلاً والدعم الذي يتلقونه من رُعاتِهم)
(فكّر بمحمد عدنان في المحتوى الرياضي)
(فكّر بنايف حمدان ومحتوى السرد القصصي البسيط غير المتكلِّف)
(جميعهم أمثلة أتمنى أن تكون قد أوضحت المقصود بالشخص الأكثر تأثيرًا في مجاله)
وفي كتابه الثاني، يَتَحدَّثُ الكاتب عن 24 أصلاً رقميًّا تَبنِيها لتأسيس شركتك الخاصة، من الأدلة الإجرائية، إلى شهادات الاعتراف، الجوائز، الهيكليَّات التنظيميَّة وأصول أُخرى لتصبح الشركة قائمة بذاتها، معتمدةً على أقلِّ عدد ممكنٍ من الأفراد. والكاتب يَذكُر أن عند استحواذه أو أحد المستثمرين على شركة ناشئة يُراجِع وجود الـ 24 أصلاً هذه وتُقيّم الشركات بناءًا على ذلك. (معظم كُتُبه متوفرة باللغة الإنقليزية مجانًا للراغبين بقراءتها)
دون التعمّق في جميع أطروحات الكاتب، إلا أن الرسالة بدأت تَتَّضِحُ نوعًا ما. الأعمال في القرن الواحد والعشرين تتمحور حول الإنترنت، ووجوده قام بتغيير قوانين اللعبة. من الطريف أن أكبر موقع للتوظيف «لينكد إن» يتحول تدريجيّاً لمنصة تواصل اجتماعي ونشر للمحتوى. بل وحتى دورك في الوظيفة، وطريقة تنفيذك لللمهام، ستصبح بشكل كبير تعتمد على إبداعك أنت وإتقانك الشخصي. بينما في الماضي كانت الشركات تُلقّن موظفيها المهمات تلقيناً، وما عليهم إلا تكرار أداء هذه المهمات بأدنى حد من التطور ليضمنوا بقاءهم في المنظومة.
*ملاحظة 1: الروابط التي أتركها، إما أن تُفيدك، أو تُثبِتَ معلومةً ذَكرتُها، أو أن تجد فيها طُرفة تُسلّيك. 😅
النموذج القديم ⌛
ولكن كيف كان النموذج السابق أصلاً؟ لمن لا يعرف مثلي من أبناء جيلي، دعني أُعطِك لمحةً بسيطةً عنه. في أفضل أحواله، يتطور الموظف حسب اجتهاده ليتسلق سلّماً وظيفيّاً وضعه مؤسِّسو الشركة. هذا مثال لشخص أمريكي بدأ متدرّباً في 2003 والآن أصبح المدير التنفيذي للشركة. في ذلك الوقت، التقديم على الوظائف كانت أمرًا تحتاجه مرتين أو ثلاث طوال حياتك، وبمجر أن تستقرَّ في إحداها، يمكنك أخذ قروض، لتشتري عقارًا أو مركبة وتسددها على مدار ١٠ سنوات، فأنت مطمَئنٌّ على مصدر دخلك. 💸
كما تتوقع، في عالمنا العربي، الوضع ليس مثاليًّا لهذه الدرجة. هناك شركات أشبه بمصانع، تأتي بالموظف، تُدرّبه في سنواته الأولى، تُعطيه زيادات سنوية ضئيلة، تدريبات ودورات بسيطة، وبعض الترقيات المحدودة فقط. أما المدراء التنفيذيّون والمناصب العليا، يحرِصُ المدراء السابقون على إعداد من يثقون بهم منذ الجامعة لاستلام مناصبهم من بعدهم فيكون لهم تدريب وتعامل خاص.
لا أُعمِّم هذا على جميع الشركات، فهناك أمثلة إيجابيّة يُحتذى بها، مثل شركة الاتصالات السعودية STC وأرامكو وغيرهم. ✅
*ملاحظة 2: أعتقد أن الكتابة دون تفاعل الجمهور، هي أشبهُ بمحاضرة جامعيّة تُقدّم عبر «زووم» لذلك أتركُ لكم هذا الرابط، لتشارِكوني انطباعاتكم، آراءكم، انتقادات، توصيات … إلخ
اعتراض 🙅🏻♂️
أسمع أحدهم يعترض بأن المحتوى العربي مُتخمٌ بالفعل بصنّاع محتوى «عليهم ملاحظات» وآخر ما يتمناه المرء هو التواجد بينهم، أو أن يُعدّ أحدهم. وأرد عليه في ثلاث نقاط:
- أن المحتوى المنشور بالعربية قليلٌ مقارنةً بتعداد الناطقين بها. هذه إحصائية عن تصنيف انتشار المواقع حسب لغتها. لن تُفاجأ إن علمت أن المحتوى باللغة الإنقليزية يحتلُّ نصف مواقع الإنترنت. ولكن هل تعلم بأنه على الرغم من كون الناطقين باليابانية لا يتجاوز 123 مليون، إلا أن ما يحتله المحتوى الياباني من الإنترنت يُعادل 5.1%
والأكثر إثارةً للدهشة أن المواقع باللغة التركية نسبتها 1.7% بينما لا يتجاوز عدد الناطقين بها 90 مليوناً
أما المحتوى العربي فنسبته 0.5% بينما تعداد الناطقين بالعربية هو 450 مليون، ليتجاوز العِبرية بقليل، التي لا يتجاوز تعداد الناطقين بها 10 مليون 🤯
اللغة | عدد الناطقين بها | نسبة مواقعها على الإنترنت |
اليابانية | 123 مليون | 5.1% |
التركية | 90 مليون | 1.7% |
الصينية (ذكرتها لأن الموت مع الجماعة رحمة) | 1.13 مليار | 1.2% |
العربية | 450 مليون | 0.5% |
العبرية | 10 مليون (في أعلى تقييم) | 0.4% |
- ليس المطلوب منك جماهيريّة عارمة، وإنما معرفة مَن هُم في نطاق مدينتك أكثر من كافٍ لمساعدتك على التطوّر المهني، وجلب الفرص لك. لعلّي أناقش معكم يومًا مقالاً قديماً يذكر فيه الكاتب، أنك لتحقق مصدر دخل حقيقي من الإنترنت كل ما تحتاجه هو 1000 مُتابع حقيقي، مستعد لدعمك بـ 100 دولار شهريّاً، وبهذا لن تحتاج لأي عملٍ آخر، إن بنيت مجتمعك الخاص.
- المزاحمة: أذكُر نصيحة أحد المعلمين بأن نُزاحِمَ السيئاتِ بالحسنات، فإذا كان المحتوى العربي يملَؤُه التافهون، فهذا أدعى لأن تشارك أنتَ فتُغيّر طبيعة المحتوى السائد، وتنشُر مافيه النفعُ والفائدة. وهذا هدفي الشخصي، أن أُقدِّم ما ينفع الناس، عسى أن يَمكُثَ فِي الْأَرضِ.
أخيرًا، حاولت خلال هذا المقال إقناعك بفكرة ضرورة إنشاء محتوى، ونشره على الإنترنت، لتضمن لنفسك حيّزاً وبصمة رقميّة. في حال اقتنعت، أو كانت الفكرة موجودة أصلًا في بالك، شاركني هذه الأفكار غير الناضجة، علّنا نتعاون مستقبلًا في مشروعٍ ما أو نطور أفكارنا سويًّا.
اقتباس
تَقوى أنت كلَّما أنتَجت.ويَقوى غَيرُك كلَّما استَهلَكت.
جيمس كلير – مؤلف كتاب العادات الذرية
“The more you create, the more powerful you become.The more you consume, the more powerful others become.”
James Clear – Author of Atomic Habits
توصية أخيرة 📲
بالإضافة لجميع الروابط التي شاركتك إياها في الأعلى، أوصيك بمشاهدة حلقة الشغف من دوباميكافين، فهي تشرح الاقتباس السابق بعُمق.